Forum FATHINET - منتــديــات فتحــي نـت • مشاهدة الموضوع - البشرية في فخ عجزها

 

 

Home

بحث

 التسجيل

قائمة الأعضاء

 

*

*

*

*

*

 

اليوم هو الخميس 28 مارس 2024, 15:41


جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعة



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: البشرية في فخ عجزها
مشاركةمرسل: الأحد 15 أغسطس 2010, 19:23 
غير متصل
Moderator - مشرف قسم
Moderator - مشرف قسم
صورة العضو الشخصية

اشترك في: الثلاثاء 22 يونيو 2010, 05:38
مشاركات: 73
مكان: ALGERIA - الجزائـــر
أراد تشخيص الواقع اليوم، سواء على مستوى وطني أو إقليمي، أو على المستوى الكوني، يجد أنّ مفردات مثل أزمة أو صدمة أو كارثة باتت نافلة أو مستهلكة، إذ الأزمات والانهيارات والكوارث تتلاحق أو تتضافر، لكي تشهد على عجز المجتمعات البشرية عن مواجهة التحديات، أو السيطرة على المشكلات التي يتولد بعضها من بعض.
صحيح أنّ الإنسان حقق ما لم يكن يحلم به، على صعيد العلوم والتقنيات التي فتحت أمامه أبواب المستحيل، في غير مجال وميدان، في الجينة والذرة أو في الفضاء والمجرة، فضلاً عن الاختراق في مجال صنع الأدوات الدقيقة والعمل على المستويات المجهرية.
ولكن بالرغم من التقدّم العلمي الهائل في المعارف، وبالرغم من امتلاك الأدوات الفائقة، في السبر والمراقبة أو في الاتصال العابر لحواجز المكان وحدود الزمان، تشهد البشرية على عجزها عن معالجة معضلات الفقر والاستبداد والفساد والعنف والتلوّث التي تتحوّل إلى آفات قاتلة تتهدد المصالح والمصائر.
فالانهيارات المالية تحدث بالرغم من حشود الخبراء بحواسيبهم الفائقة وترسانتهم المدجّجة بالنظرات والتحليلات. ربّما لأنّ الواقع هو اعقد من أن يتمكن الإنسان من القبض عليه والتحكم به، وخاصة لأن الاهواء والمطامع والعقد والاحقاد، التي تتحكم في سلوك البشر، تجعل شبكة المصالح العنكبوتية تفلت من سيطرة الأنظمة المعرفية والبرمجة العقلية، لكي تجتاح الإنسان، من حيث لا يحسب ولا يعقل، بما هو مفاجئ وغير متوقّع، مما هو فضائحي أو كارثي.
هذا ما تشهد به، المثالات والوقائع، من نزوات الرؤساء وفضائحهم، إلى تصرُّفات الأفراد واهوائهم التي تفعل فعلها وتترك أثرها بصورة طفيفة، بطيئة، غير مرئية، في مجمل الدورة الإقتصادية والحراك الإجتماعي. حتى لو كان الواحد عاطلاً عن العمل، فإنّه يفعل ولكن على سبيل الهدر للموارد أو التلغيم للأعمال والمشاريع.
وفي مثال آخر، نجد أنّه بالرغم من تلاحق المدارس والمذاهب، في ميادين الدرس المجتمعي والتحليل النفسي، ليس ثمة استقرار أو اطمئنان، بل زاد القلق والتوتر والاضطراب أو الانحراف. فالفرد يشعر اليوم بأنّه مُطارد أو خائف على دوره ومكانته في مجتمع المشهد، حيث النجم يصعد سريعاً ويهوي سريعاً؛ أو يشعر بأنّه مقصر مهما اجتهد وأنجز، ذلك أنّ الوسائل والمهمات تتآكل وتستنفد بسرعة، في عصر السيولة والحركة الدائمة والمتسارعة.
أمّا الأمن فإنّه إلى تدهور متزايد، كما يشهد انتشار العنف الأعمى بشكله الإرهابي، وعلى النحو الذي يكاد يحول المدن المعاصرة إلى ثكنات من فرط التشدد في الاحتياطات والإجراءات الأمنية. مما يشهد على أفلاس البشر في حفظ السلامة العامّة. ولو ظلّ العنف يتصاعد على هذه الوتيرة، كمّاً ونوعاً، سوف يأتي على الناس زمن يحتاج فيه كل واحد إلى آخر لحراسته وحفظ أمنه الشخصي. وتلك هي الكارثة.
وكل ذلك يدل على فقدان الإنسان السيادة على نفسه وعلى أشيائه. لقد بات عاجزاً عن تدبر نفاياته وفضلاته، التي تلوث الأرض والجو والبحر، عجزه عن السيطرة على اهوائه ونزواته واحقاده. وكأنّ البشرية أمست أسيرة مطالب وحاجات تفوق قدراتها، بقدر ما تقع فريسة لمخاوف وهواجس تعبر عن نفسها في اضطرابات وتوترات وصراعات، على المواقع والمكاسب أو على الأفكار والعقائد، وعلى نحوٍ يعود بالضرر والخسارة على المصالح والمصائر التي أصبحت متداخلة ومتشابكة في عصر المعلومة والعولمة، إذ الضرر في مكان أو في مجال يلحق الآن الأذى في كل مكان ومجال.
وهكذا تبدو البشرية بين فكي الكماشة، بقدر ما تنخرط في أعمال ومشاريع تورث ضرراً أكثر مما تجلب نفعاً: فالاستهلاك الفاحش مآله الهلاك بقدر ما يؤدِّي إلى تلويث الطبيعة وتبديد الموارد؛ وحفظ الأمن يتم على حساب الحرِّية الشخصية، بل هو يحوِّل الحياة إلى جحيم بطغيان أجهزة الضبط والمراقبة أو التلصص والتجسس؛ والنمو الفالت يولد الكوارث، بقدر ما يؤدِّي إلى أعمال القرصنة وإلى ازدهار المافيات بشكلها القديم أو الجديد، الخفي أو المعلن، المشروع أو الخارج على الشرعية.
وتلك هي ضريبة الذكاء البشري: أن يصنع الإنسان ما لا قِبَل له بالسيطرة عليه، أو أن يُقدِم على أعمال لا قدرة له على توقع آثارها ومفاعيلها السلبية أو المدمرة على المصالح والمصائر في آن.
وتلك هي المفارقة. فمشاريع الإنسان تستهلك أفكاره، وأعمالُه تستنزف موارده. ربّما هذا ما يحصل عادة، بفعل دورة الحياة وصيرورة الزمن. ولكن ما يحصل الآن هو أن مساعي الإنسان ومطالبه تبدو ملغمة، بحيث تنقلب ضده وترتد عليه هلاكاً وخراباً.
وفي العالم العربي، الذي هو الشاهد الأبرز على المشكلة، تبدو الأزمة مضاعفة؛ أوّلاً: لأنّ العرب اعتادوا الهروب من السمؤولية لإلقاء التبعة على الغير؛ ثانياً: لأنّه لا توجد، كالعرب، جماعة أو هوية يتحكم ماضيها بعقولها وأجسادها؛ والحصيلة هي تخريب الحاضر وتدمير المستقبل، أو على الأقل العجز عن التفكير الحي والخلاق على سبيل التقدير والتدبير.
أيّاً يكن، فالعالم العربي، هو جزء من العالم يتأثّر به ويؤثِّر فيه بصورة من الصور، إيجابية أو سلبية. والعالم ليس اليوم على ما يرام. بل هو في مأزقه، كما تشهد المصائر البائعة للمشاريع يمنة ويسرة، سواء لدى أهل العقائد الدينية أو لدى أصحاب المذاهب العلمانية.
فالاشتراكية تثبت نهايتها بعد أن استُنفِد النموذج وتحول المشروع إلى أنظمة شمولية، شهدنا نسخها الكاريكاتورية، الهزيلة والفقيرة، في بعض دول العالم الثالث والعالم العربي.
والرأسمالية تبلغ مأزقها الخانق بطغيان منطق السلعة والسوق والربح الذي ينتج الانهيارات والكوارث. وفي كلا الحالين ثمة تأله ووحدانية. ففي المجتمع الاشتراكي جرى تأليه الزعيم وازدهرت عبادة الشخص، بقدر ما جرى تحويل المقولات والنظريات إلى أصنام وأقانيم تصنع الحشود المرصوصة والقطعان البشرية العمياء.
وفي النظام الرأسمالي قد جرى تسخير العقل بتأليه السوق والسلعة والربح، على نحو يكاد يطيح بمكتسبات التنوير والعقلانية والحرِّية والديموقراطية.
في كلا النمطين ثمة تأله بشري، خفي أو معلن، مباشر أو غير مباشر، أنتج كل هذا التوحش والفحش أو الاستبداد والفساد.
ثمّ أتت الأصولية الدينية التي طرحت نفسها بوصفها البديل والحل، فكانت الحصيلة أن تفاقمت المشكلات واستعصت الحلول، لكي تزداد المساوئ والمخاطر والكوارث. ولا غرابة لأنّه مع الأصولية، الآتية كردة فعل ضدّ العام الحديث، على سبيل الثأر والانتقام، تعمل منازع الاصطفاء والأحادية والعدوانية بصورة مضاعفة، لكي تتفاقم المشكلات.
وتلك هي مفاعيل تأله الإنسان، بوجهيه، سواء تأليهه لذاته أو تأليهه لسواه: خلق عالم يسوده التهويم والاعتباط أو الشعوذة والتشبيح أو العبث والجنون أو الاضطراب والإرهاب.
وإنطلاقاً من هذه القناعة ما أحاوله، في ما يلي، مراجعة العدة الفكرية، من غير وجه، سواء من حيث شبكة المفاهيم الموظّفة في القراءة والتشخيص، أو من حيث الثنائيات الشغالة في التقييم والتصنيف، أو من حيث الاستراتيجيات المعتمدة في التدخل والتأثير، وعلى نحو يطال العقليات ومناهج التفكير والممارسات الفكرية.
المصدر: كتاب المصالح والمصائر (صناعة الحياة المشتركة)


شارك الموضوع على الفيس بوك شارك الموضوع على تويتر شارك الموضوع على أوركوت شارك الموضوع على ديغ شارك الموضوع على ماي سبايس شارك الموضوع على ديليسيوس شارك الموضوع على تكنوراتي
أعلى
 يشاهد الملف الشخصي ارسال رسالة خاصة  
 
 عنوان المشاركة: Re: البشرية في فخ عجزها
مشاركةمرسل: الاثنين 16 أغسطس 2010, 00:28 
غير متصل
Administrator
Administrator
صورة العضو الشخصية

اشترك في: الأحد 24 أغسطس 2008, 20:45
مشاركات: 465
مكان: ALGERIA - الجزائـــر
صورة

صورة
شكرا و ألف شكر يا أخي العزيز على هذا الموضوع الجد رائع

إنه فعلا موضوع فلسفي يستحق التمعن فيه و المناقشة

مع تألق جديد في مواضيع أخرى إنشاء الله تعالى

شكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا

صورة

_________________
إن سر النجاح في المنتدى ليس بعدد أعضاءه و إنما بقوتهم
Le secret de succès du forum ne se compte pas par le nombre des membres mais par leur puissance
Forum success is not by members number, it is by there power

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي ارسال رسالة خاصة  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعة


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 131 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron


Forum Propriete FATHINET 2008 - Service Internet Et Publicite   /   Nombre de Visites :
Sites Partenaire : Auto Marche - Annuaire Web - VoIP FN - Groupe Concessionnaire - Groupe location vehicule - Groupe Immobilier

Hebergement du site par : FATHINET
.:.