دور سند الشحن في النقل الجوي الدولي
الأهمية العملية والقانونية التي يمثلها هذا السند ودوره في الحياة التجاريةبصفة عامة، والنقل الجوي الدولي بصفة خاصة. وان هذه الأهمية استمدها السند من النقل الجوي الدولي الذي اصبح-رغم حداثته([2])-يمثل مظهراً من المظاهر الحضارية للمجتمع البشري في
هذا العصر الذي اصبح تقدم الدول والشعوب يقاس على أساس ما لدى هذه الدول من أساطيل جوية وتغطيتها لربوع المعمورة([3]). ذلك ان النقل الجوي الدولي اصبح يمثل حلقة وصل
وتواصل بين الحضارات. لاسيما، بعد التطور المذهل الذي وصل إليه سواء من ناحية السرعة والأمان أو من ناحية السعة والانتظام([4]).
وإذا كان سند الشحن الجوي عبارة عن وصل باستلام الناقل للبضاعة المراد شحنها لغرض النقل أو رسالة نقل،([5]) فانه اصبح يقوم بأدوار مهمة في النقل الجوي والتجارة الدولية على حد سواء. وتتمثل هذه الأدوار في اعتباره دليل
إثبات عقد النقل الجوي وشروطه واستلام الناقل للبضاعة المشحونة والبيانات الخاصة بالبضاعة المشحونة التي يتضمنها هذا السند([6]). وأداة أو وسيلة لتداول البضاعة المشحونة. لاسيما إذا كان السند أذنياً أو للحامل. وبالتالي فانه
اصبح يمثل البضاعة المشحونة.
وغنيٌ عن البيان أن السند الممثل للبضاعة المشحونة بموجبه يخول المرسل إليه أو الحائز القانوني للسند([7]) المطالبة بالبضاعة وتسلمها في مطار الوصول، أو التصرف فيها أثناء النقل.([8]) وفضلاً عن ذلك فان سند الشحن الجوي يلعب
دوراً في غاية الأهمية في الائتمان المستندي ، ذلك أن المصارف لا تمنح الاعتمادات المستندية إلى عملائها لتمويل التجارة الدولية إلا إذا سُلمت لها المستندات التي تضمن لها استعادة حقوقها، وفي مقدمة هذه المستندات سند الشحن الجوي.
([9])
وتتعاظم أهمية سند الشحن الجوي بسبب ما ينشأ عنه من علاقات متشعبة سواء بين المتعاقدين، أو بينهم وبين الغير الذين يهمهم هذا السند ، أو فيما بين هؤلاء الأخيرين مع بعضهم كالعلاقة التي تنشأ بين الناقل والمرسل إليه أو بين هذا
الأخير والمصرف مانح الاعتماد المستندي، أو بين المرسل إليه وشركة التأمين أو بينه وبين المتصرف إليهم بالبضاعة ممثلة بمستنداتها لأنهم سيكونون حائزين قانونيين للسند… وهكذا، تتسع وتتشعب العلاقات التي تنشأ بسبب سند الشحن
الجوي. الأمر الذي يخلق مشاكل قانونية تحتاج إلى معالجتها قانونياً. وفضلاً عن كل ذلك فان هذا الموضوع لا يزال جديداً لم ينل قسطه من الدراسة والبحث كما هو عليه الحال في سندات الشحن في وسائل النقل الأخرى.
والواقع أننا لا نعلم بوجود أي بحث متخصص في الموضوع محل البحث في المكتبة العربية. لهذه الأسباب وغيرها رأينا بعد التوكل على الله أن نسهم بجهدنا المتواضع في هذا الموضوع لعلنا نقدم شيئاً مفيداً للمكتبة القانونية العربية.
ونود أن نشير هنا إلى أن بحثنا لسند الشحن الجوي سيكون وفقاً لاتفاقية وارشو لسنة 1929 والبروتوكولات أو الاتفاقيات المعدلة أو المكملة لها([10])، مع الإشارة إلى القوانين الوطنية العراقية واليمنية والمصرية في المسائل التي سوف
نناقشها في موضوعات البحث رغم ان المشرع العراقي([11]) وكذا المشرع المصري([12]) أحالا إلى أحكام الاتفاقية فيما يتعلق بالنقل الجوي الدولي. أما المشرع اليمني فنظم النقل الجوي الدولي بالقانون التجاري رقم 32 لسنة
1991 إلا أنه اقتبس النصوص القانونية من أحكام اتفاقية وارشو وتعديلاتها([13]).
وإذا كان سند الشحن الجوي يقوم بدور في تحديد مسؤولية الناقل الجوي أو الخروج على الحدود المقررة في الاتفاقية. إذ أن هذه الأخيرة كانت تقرر جزاء على الناقل الجوي الدولي إذا قبل بضائع للنقل ولم يحرر بشأنها سند شحن جوي، وإذا
كان هذا السند لا يتضمن البيانات التي أوجبت تضمينها السند ، يتمثل بحرمانه من التمسك بأحكام الاتفاقية التي تعفيه من المسؤولية أو تحددها بحدود معينة.([14]) إلا أننا رأينا عدم الخوض في هذا الموضوع أو معالجته ضمن
موضوعات هذه الأطروحة وذلك للأسباب الآتية: